مقولة شعرية للإمام الشافعي رحمه الله

نعيب زماننا و العيب فينا

وما لزماننا عيب سوانا

الحوالة

السيل الجرار ج4/ص241


باب الحوالة

إنما تصح بلفظها أو ما في حكمه وقبول المحال ولو غائبا واستقرار الدين على المحال عليه معلوما مساويا لدين المحال جنسا وصفة يتصرف به قبل قبضه فيبدأ الغريم ما تدارج ولا خيار إلا لإعسار أو تأجيل أو تغلب جهلها حالها

قوله باب الحوالة إنما تصح بلفظها أو ما في حكمه

أقول تصح بما يفيدها ويدل عليها ولو بإشارة من قادر على النطق كما كررنا مثل هذا في الأبواب التي اعتبروا عليها الألفاظ وقد وسع المصنف الدائرة هنا بقوله أو ما في حكمه فأصاب وهكذا لا بد من قبول المحال للحوالة لأنها نقل ما هو له من ذمة إلى ذمة فلا ينتقل عن الذمة الأولى إلى الذمة الأخرى إلا باختياره ولكنه يأثم إذا أحيل على ملي فلم يقبل لأنه خالف الأمر النبوي وهو قوله صلى الله عليه وسلم وإذا اتبع أحدكم على ملي فليتبع كما في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة وفي لفظ لمسلم وإذا أحيل أحدكم على مليء وقد ذهب الجمهور إلى أن هذا الأمر للندب وذهبت الظاهرية إلى أنه للوجوب

ص242

وأما قوله واستقرار الدين على المحال عليه إلخ فلا أدري لهذا الاشتراط وجها لأن من عليه الدين إذا أحال على رجل يمتثل حوالته ويسلم ما أحال به كان ذلك هو المطلوب لأن به يحصل الوفاء بدين المحال ولو لم يكن في ذمة المحال عليه شيء من الدين

وأما قوله فيبرأ الغريم ما تدارج فوجهه ظاهر لأن رضا من له الدين بنقل دينه من ذمة الغريم إلى ذمة المحال عليه يوجب عدم مطالبته للغريم وهو معنى البراءة لكن هذه البراءة مقيدة بما ذكره المصنف بقوله ولا خيارا إلا لإعسار أو تأجيل أو تغلب جهلها حالها ووجه الرجوع عليه عند حصول هذه الأمور ظاهر لأن المحيل إذا أحال على معسر أو على من يعتل بالتأجيل أو يتغلب عن التسليم مع جهل المحال لهذه الأمور فقد غره بالحوالة وهو لم يرض بنقل دينه إلى ذمة المحال عليه إلا مع عدم المانع فلا حكم لذلك الرضا الواقع مع وجود المانع لأنه غرر وتدليس



فصل



ومن رد مشترى برؤية أو حكم أو رضا على بائع قد أحال بالثمن وقبض لم يرجع به إلا عليه وكذا لو استحق أو أنكر البيع بعدهما ولا يبرأ ولا يرجع محتال عليه فعلها أو امتثل تبرعا والقول للأصل في أن القابض وكيل لا محتال إن أنكر الدين وإلا فللقابض مع لفظها

قوله فصل ومن رد مشتري إلخ

أقول وجه هذا ظاهر لأن البائع هو القابض للثمن فالطريق عليه ولا فرق بين الرد بالحكم أو بالتراضي وكذا الاستحقاق وأما إنكار البيع من أصله فلا بد أن يتقوى ما يدعيه المشتري من البيع قبل أن يرجع عليه بالثمن لأن لزومه فرع ثبوت التبايع

ص243

وأما قوله ولا يبرأ ولا يرجع محتال عليه فعلها أو امتثل تبرعا فوجه عدم الرجوع في الفعل تبرعا عدم وجود المناط الموجب للضمان وأما الامتثال تبرعا فإن لم يبلغه أمر المحيل له بالتسليم فهو كالصورة الأولى وإن بلغه وسلم امتثالا لأمره فمجرد الأمر يوجب له الرجوع وإن لم يكن في ذمته دين لأن الأمر يكفي في ذلك ويخرج به عن التبرع كما قدمنا من عدم اشتراط استقرار دين في ذمة المحال عليه

وأما قوله والقول للأصل في أن القابض وكيل لا محال فوجهه ظاهر لأن الأصل عدم ثبوت الدين وأما إذا أقر بالدين فقد صار الظاهر مع من أقر له بالدين أنه محال لا رسول ولا وكيل